رفع بنك الاستثمار العالمي جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب في ديسمبر 2026 من 4300 دولار إلى 4900 دولار للأوقية، بدعم من الطلب القوي من البنوك المركزية وتزايد تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) في الأسواق الغربية، وفقًا لتقرير بحثي صدر يوم الإثنين.
وقال محللو البنك إن التوقعات الجديدة تعكس استمرار الزخم الصعودي للذهب، مؤكدين أن مخاطر التوقعات لا تزال تميل للصعود، مع احتمالية أن تدفع عمليات تنويع المحافظ الاستثمارية من قبل القطاع الخاص نحو الذهب حيازات صناديق الـETFs إلى ما فوق المستويات المقدرة حاليًا.
وأضاف التقرير أن البنك يتوقع ارتفاع حيازات صناديق الاستثمار الغربية مع خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس بحلول الربع الثاني من عام 2026، في حين يُتوقّع أن يبلغ متوسط مشتريات البنوك المركزية 80 طنًا في عام 2025 و70 طنًا في عام 2026، مع استمرار البنوك المركزية في الأسواق الناشئة في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي لصالح الذهب.
وأشار التقرير إلى أن الذهب الفوري ارتفع بنسبة 52% منذ بداية العام، مدعومًا بموجة قوية من مشتريات البنوك المركزية والطلب المتزايد على صناديق الذهب المتداولة، إلى جانب ضعف الدولار وتزايد إقبال المستثمرين الأفراد على التحوط من التوترات التجارية والجيوسياسية.
ورغم الاستقرار النسبي في مراكز المضاربة، فإن ارتفاع حيازات صناديق الـETFs خلال سبتمبر أعادها إلى مستوياتها المتوقعة ضمن نموذج أسعار الفائدة الأمريكية، ما يؤكد أن الزيادة الأخيرة ليست “مبالغة في التقييم”.
وفي تقرير سابق بتاريخ 1 أكتوبر، توقّع فريق الأبحاث بقيادة المحللة لينا توماس أن ترتفع أسعار الذهب بنسبة إضافية تبلغ 6% بحلول منتصف 2026، مع استمرار الطلب القوي من البنوك المركزية وسياسات التيسير النقدي من جانب الفيدرالي الأمريكي.
وأوضح المحللون أن مشتري الذهب ينقسمون إلى مجموعتين رئيسيتين:
-
المستثمرون ذوو القناعة (Conviction Buyers) مثل البنوك المركزية وصناديق الاستثمار والمتداولين المحترفين، الذين يشترون الذهب باستمرار بغض النظر عن السعر، ويقودون اتجاه الأسعار على المدى الطويل.
-
المشترون الانتهازيون (Opportunistic Buyers) مثل الأسر في الأسواق الناشئة، الذين يدخلون السوق عندما يرون الأسعار مناسبة، ما يُشكّل دعمًا للأسعار في حالات الهبوط ومقاومة عند الارتفاعات الكبيرة.
ووفقًا لبيانات جولدمان ساكس، بلغ متوسط مشتريات البنوك المركزية هذا العام نحو 64 طنًا شهريًا، وهو أقل من التوقعات البالغة 80 طنًا، لكن البنك أشار إلى أن هذا الانخفاض يتماشى مع النمط الموسمي حيث تتراجع المشتريات خلال الصيف وتعود للارتفاع من سبتمبر فصاعدًا.
أما في الأسواق المالية، فأشار التقرير إلى أن المراكز الطويلة في العقود الآجلة والخيارات على الذهب في بورصة كومكس (COMEX) وصلت إلى الرتبة 73 مئوية منذ عام 2014، ما يعكس تفاؤلًا قويًا لدى الصناديق الكبرى والمستثمرين بالمزيد من الصعود في الأسعار.
ورغم هذا الزخم، حذر المحللون من احتمالات تصحيحات مؤقتة نتيجة تراكم الرهانات على الصعود، لكنها لن تؤثر على الاتجاه الصاعد طويل الأجل.
كما نصح البنك المستثمرين بتعزيز تنويع محافظهم الاستثمارية عبر السلع الأساسية مثل الذهب، لحماية أصولهم من مخاطر الأسواق غير المتوقعة، خاصة في حالات تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم أو حدوث صدمات في سلاسل الإمداد.
وأشار التقرير إلى أن الذهب أثبت قدرته التاريخية على الصمود في فترات عدم الاستقرار، مثل سبعينيات القرن الماضي عندما أدت الإنفاقات الحكومية الضخمة وتراجع مصداقية البنوك المركزية إلى ارتفاعات قياسية في الأسعار، وكذلك خلال أزمة الغاز الروسي في 2022 عندما واصل الذهب تحقيق أداء إيجابي رغم خسائر الأسهم والسندات.
واختتم جولدمان ساكس تحليله بالتأكيد على أن الذهب يظل أحد أهم أدوات التحوط في مواجهة مخاطر السياسة النقدية والتجارية، وأن تزايد استخدام السلع كأداة نفوذ جيوسياسي يدعم دورها المستقبلي في المحافظ الاستثمارية.