بينما جاءت سرعة صعود الذهب مفاجئة لبعض المحللين، إذ سجل السوق أفضل أداء منذ بداية العام حتى الآن منذ عام 1979، إلا أن مساره لم يكن موضع شك، بحسب أحد مديري الصناديق.
في مقابلة صحفية، قال ديفيد ميلر، المدير الاستثماري المشارك والمؤسس المشارك لشركة Catalyst Funds ومدير محفظة صندوق Strategy Shares Gold Enhanced Yield ETF (GOLY)، إنه حتى مع ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 40% هذا العام، لا يزال المعدن النفيس يقدم للمستثمرين قيمة كبيرة، باعتباره الأصل الوحيد القادر على الحفاظ على قوته الشرائية.
وأضاف: “الأمر لا يتعلق بما سيحدث الأسبوع المقبل أو العام المقبل، بل بما سيحدث خلال السنوات العشر المقبلة. الاحتفاظ بثروتك في أي عملة ورقية هو طريقة رديئة للغاية للحفاظ على ثروتك وقوتك الشرائية.”
تأتي هذه التصريحات في وقت تواصل فيه أسعار الذهب التداول بالقرب من مستويات قياسية في طريقها إلى 4,000 دولار للأوقية، حيث سجل الذهب الفوري في آخر تداول له 3,888 دولارًا للأوقية بارتفاع قدره 0.60% خلال اليوم.
وأوضح ميلر أن التضخم لطالما قوض القوة الشرائية للعملات، لكن وتيرة إضعاف العملات عالميًا تسارعت بشكل كبير منذ جائحة كورونا، حين ضخت الحكومات كميات ضخمة من الأموال والسيولة في الاقتصاد العالمي.
ورغم انتهاء الأزمة الصحية العالمية رسميًا في عام 2023، واصلت الدول طباعة النقود وتوسيع مستويات ديونها غير المستدامة بالفعل. وبينما سجل الذهب مستويات قياسية أمام معظم العملات الرئيسية، فقد حقق أكبر مكاسبه مقابل الدولار الأميركي.
وقال ميلر: “الذهب ليس مبالغًا في سعره، فهو فقط يواكب سرعة نمو المعروض النقدي.”
وأشار إلى أن المستثمرين لا يجب أن يتفاجؤوا من صعود الذهب، موضحًا أن العجز الأمريكي ارتفع بنحو 1.9 تريليون دولار هذا العام، ليضاف إلى جبل الديون الضخم البالغ 37 تريليون دولار.
وأضاف: “إذا كنت مدينًا بـ36 تريليون دولار، مثل الحكومة الأمريكية، وتدير عجزًا سنويًا يبلغ 1.9 تريليون دولار—أي تنفق أكثر بكثير مما تجمعه من الضرائب—ولديك أيضًا ماكينة طباعة نقود، فمن المرجح أن تستخدمها.
السياسيون يواجهون رفضًا شديدًا لسياسات التقشف أو رفع الضرائب بشكل حاد، لذلك الطريق الأسهل هو إضعاف العملة تدريجيًا، وليس الأمر مقتصرًا على الولايات المتحدة، بل الحكومات عالميًا تعلمت هذا النهج.”
وتابع: “إذا استمر الإنفاق بالعجز دون معالجة حقيقية للديون، فقد يتعرض الدولار لانخفاض في قيمته بنسبة تقارب 5% سنويًا، وإحدى الطرق لحماية نفسك كمستهلك أو مستثمر هي أن تحتفظ بأصولك بعملة صلبة—مثل الذهب—بدلًا من الدولار أو اليورو أو الين.”
وإلى جانب تفاقم الديون، أشار ميلر إلى عامل آخر يتمثل في تسليح الدولار الأمريكي بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وزادت حالة انعدام الثقة في الدولار الأمريكي خلال الأشهر الستة الماضية بسبب الحرب التجارية المستمرة والتعريفات الجمركية العالمية التي تفرضها إدارة الرئيس ترامب.
وقال: “عندما تجمع بين هذا المثلث من الرسوم الجمركية، وتسليح نظام SWIFT، والتيسير الكمي الضخم، فمن غير المنطقي أن يرغب أحد في الاحتفاظ باحتياطياته بالدولار، أي الأموال التي لا ينوي إنفاقها.”
وفي هذا السياق، توقع ميلر أن تواصل البنوك المركزية تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي والعودة إلى الذهب.
واختتم قائلًا: “استبدال احتياطيات الدولار الأمريكي بالذهب لن يحدث بين ليلة وضحاها، إنها عملية ستستمر لعقود، لكنها ستضمن بقاء أرضية سعرية مرتفعة للذهب في المستقبل المنظور.”