تعد مجوهرات “إلياس لالونيس” واحدة من شركات المجوهرات الدولية المتخصصة والمملوكة للقطاع الخاص، وتنافس في سوق عالمي بقيمة 280 مليار دولار، يهيمن عليه ثلاث تكتلات للمجوهرات هي – Richemont و Kering و LVMH – وتتعامل في سلع عالية القيمة وسط تقلب أسعار الذهب.
“إلياس لالونيس”، صائغًا وفنانًا وأكاديميًا مشهورًا عالميًا لتصميم مجوهرات ذهبية فاخرة مستمدة من التاريخ اليوناني، أسس متحف مجوهرات إلياس لالونيس، كما أسس جمعية الجواهرجين اليونانيين.
وُلد ” لالونيس” في أثينا في عام 1920 م، وهو الجيل الرابع لعائلة من الصائغين وصانعي الساعات القادمين من مدينة دلفي، درس الاقتصاد والأعمال وحضر دورات في القانون في جامعة أثينا، تدرب في التصميم مع الرسام اليوناني “ألكساندروس ألكسندريكس”، في فن الرسم المسرحي، كما درس الموسيقى البيزنطية، قام على نطاق واسع بالبحث طوال حياته حول مواضيع مختلفة لإلهام تصميماته، حصل على العديد من الجوائز عن فنه، كما يعد أول صائغ يفوز بجائزة الأكاديمية Légion d’Honneur الفرنسية” في عام 1990م.
وفي عام 1940م، أصبح مديرًا تنفيذيًا للشركة العائلية مع المجوهرات “ZOLOTAS” التي أسسها عمه Euthymios Zolotas في عام 1895م، وفي عام 1957م، أسس جمعية الجواهرجين اليونانيين.
لمدة عقدين من الزمن، قاد إلياس شركة ” ZOLOTAS“ بنجاح نحو التوسع الدولي، لكن رغبته في القيام بشيء مختلف أدت إلى انفصاله عن عمه، وتأسيس شركته الخاصة “إلياس لالونيس” عام 1969م، وافتتح عدة فروع في الجزر اليونانية، وسرعان ما توسعت عبر أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، ليصبح عدد فروع الشركة نحو 38 فرعًا.
تغلب ” لالونيس” على زبائنه بالتنوع الكبير لمجوهراته المصنوعة يدويًا، والتي أصبحت ذات شعبية متزايدة من لندن ونيويورك إلى اسطنبول وطوكيو، وكان يعرض أعماله في أكثر من 70 معرضًا منفردًا حول العالم، وبين عامي 1969 و 2002 قدم 50 مجموعة في 18 ألف تصميم.
تميز “لالونيس” بإحياء الصياغة اليونانية القديمة والترويج لها من خلال مجموعاته في جميع أنحاء العالم، واستلهام أكثر من 25 مجموعة من التاريخ اليوناني القديم من عصر ما قبل التاريخ إلى الإمبراطورية البيزنطية، وأصبحت مجوهراته ذات الطابع الهيليني المصنوعة من الذهب عيار 22 قيراط المطروق يدويًا، نقطة تحول في تاريخ المجوهرات اليونانية، حيث أعاد إحياء تقنيات مثل التحبيب والتقطيع والنسيج – وهي مهارات يدوية تستغرق وقتًا طويلاً، لم يقم فقط بإعادة إنتاج مجوهرات المتاحف بل أخذ تفاصيل من العديد من التخصصات، بما في ذلك الهندسة المعمارية والفخار، كنقطة انطلاق.
وأدت معرفته بفن وتاريخ الحضارات المبكرة إلى تصميم 15 مجموعة قائمة على ثقافات مختلفة في أوروبا وآسيا وأمريكا خلال فترة السبعينات من القرن الماضي، كما أثبت قدرته التي لا تنضب على ابتكار تصميمات مذهلة مبنية على التكنولوجيا الحديثة وعلم الفلك والطبيعة والطب.
في عام 1993م، تم نقل مصنعه الصغير إلى منشآت جديدة مصممة خصيصًا لهذا الغرض، وتحويل مصنعه القديم لأول متحف للمجوهرات في اليونان.
استهداف “لالونيس” من المتحف دورًا اجتماعيًا في دعم وتطوير المجوهرات اليونانية المعاصرة، من خلال إطار للترويج والعرض والبحث الأكاديمي الذي تقدمه المؤسسة إلى اليوم.
تم عرض إبداعاته في العديد من المتاحف والمعارض في جميع أنحاء العالم، من بينها “متحف فيكتوريا وألبرت”، و “معهد سميثسونيان”، و “متحف فيلادلفيا للفنون”، و “متحف بوشكين للفنون الجميلة”، و “لا شابيل دي لا سوربون”، و”المتحف الوطني للفنون في رومانيا”، و”متحف الفنون التركية والإسلامية”.
توفى ” لالونيس ” في ديسمبر 2013، وخلال مسيرته المهنية التي امتدت لنحو 70 عامًا، حصل “إلياس لالونيس” على العديد من الجوائز والأوسمة لمساهمته في الفنون، من بينها جائزة “شيفروليه” من أكاديمية الفنون الجميلة، كما حصل على الدكتوراه الفخرية في الفنون الجميلة من جامعة “ADELPHI” نيويورك.
وذكرت عائلته في مقابلة مع جريدة الفاينانشيال تايمز في أبريل 2022، أنه من أجل وضع فن المجوهرات اليونانية على الخريطة الدولية، يتولى إدارة الشركة وفروعها في اليونان وخارجها، بناته الأربع – ديميترا وكاثرين وماريا وإيوانا، وتحديدًا منذ عام 1998م.
وذكرت الجريدة، أن “لالونيس” هي أيضًا واحدة من شركات المجوهرات العائلية القليلة في هذا العصر التي توسعت دوليًا، وتكيفت مع العصر الرقمي، ونجت من العديد من التقلبات المالية.
وذكرت ” فاينانشيال تايمز” ، أن” لالونيس كان عليها أن تكيف إستراتيجيتها للمبيعات من الاعتماد على متاجرها الخاصة إلى استخدام مزيج من تجارة الجملة والتجارة الإلكترونية – كل ذلك مع الحفاظ على حصتها في السوق بميزانية ترويجية محدودة. “
وقالت ديميترا لالونيس، الرئيس التنفيذي المشارك ومدير العمليات الدولية، لـ “فاينانشيال تايمز”: “نمت صناعة المجوهرات وتغيرت بشكل كبير في العقدين الماضيين، ولا أعتقد أن أي قطاع فاخر آخر قد تطور بنفس الطريقة، وكانت المجوهرات هي الأكثر انفجارًا بين جميع الفئات الفاخرة، على الرغم من تعقيد سلسلة الإنتاج والتكاليف.”
مضيفة أنه “بحلول أوائل التسعينيات، كان لدى الشركة 14 متجرًا في اليونان وفرنسا وسويسرا وهونج كونج واليابان والولايات المتحدة، مع الآلاف من التصاميم التي احتضنت مجموعة واسعة من المراجع الثقافية العالمية “.
بالنسبة لمنتجات الشركة اليوم، فإن التصميمات الأصلية واسعة النطاق أصبحت أقل جدوى الآن بعد أن ارتفعت أسعار الذهب حول أربعة أضعاف منذ ثمانينيات القرن الماضي، ومن ثم عملت ماريا لالونيس، الرئيس التنفيذي المشارك ومديرة التصميم، على تنفيذ القطع الأخف وزنًا التي تستخدم قدرًا أقل من الذهب ولكنها تحقق مظهرًا جسديًا كبيرًا بطابع الشركة المميز، وفقًا لـ “فاينانشيال تايمز”.
لا تزال جميع مجوهرات ” لالونيس” تُصنع يدويًا في ورشها بأثينا، تماشيًا مع التزام المؤسس بتطوير الحرف التقليدية ودعم الاقتصاد المحلي، ومع التأثير المشترك لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والأزمة المالية وأزمة الديون اليونانية، أدى إلى أنه بحلول عام 2017 ، كانت متاجر الشركة الوحيدة المتبقية في اليونان ونيويورك ، بجانب قنوات التوزيع في مواقع دولية أخرى .
قالت “لالونيس”: “كان قرار إغلاق المتاجر استراتيجيًا من الناحية المالية وسمح لنا بإعادة هيكلة أعمالنا، لقد ثبت أنه جاء في الوقت المناسب جدًا ، نظرًا للقضايا اللاحقة مثل تداعيات وباء كورونا”.
أضافت، “اليونان هي سوقنا الرئيسي بسبب العملاء المحليين وكذلك العملاء الدوليين، تليها الولايات المتحدة والشرق الأوسط، ويعتبر السوق الآسيوي، والصين على وجه الخصوص، مجالًا مثيرًا للاهتمام للغاية للتوسع بسبب حبهم للذهب والحرف اليدوية الرائعة، وبالطبع الحجم الهائل للمنطقة، نحن مهتمون أيضًا باليابان، حيث يتمتع اسم “لالونيس” بجاذبية تاريخية قوية، لكننا نتخذ نهجًا بطيئًا وحذرًا، كما يعمل مكتب نيويورك على تطوير تجارة الجملة بالولايات المتحدة الأمريكية”.
في نهاية العام الماضي، أطلقت “لالونيس”منصتها للتجارة الإلكترونية وتركز على القنوات الرقمية لزيادة الوعي بالعلامة التجارية، حيث تتم جميع الدعاية والتسويق داخليًا لتوفير التكاليف، واتباعًا للتقاليد.
وبالنظر إلى المستقبل، قال لالونيس لصحيفة فاينانشيال تايمز: “إننا نضيف إلى نموذج الإعلان المطبوع التقليدي مع Instagram والتجارة الإلكترونية للتوسع والوصول إلى جمهور أصغر سنًا، مع الحفاظ على التواجد الفعلي للبيع بالتجزئة والتواصل الوثيق مع عملائنا ، وهو ما كان الأب يفعل ذلك دائمًا “.